-
محلل تونسي يكشف لليفانت علاقة تصريحات أردوغان بالإخوان.. و"الاحتلال العثماني"
-
بسام حمدي: تركيا تحاول أن تظهر نفسها الطرف الذي يعادي الأنظمة التي يزعم كونها ديكتاتورية، كما تحاول إفشال أي نظام لا يتأسس وفق خيارات الأنظمة الإخوانية
أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، في الثلاثين من مارس الماضي، عن حل مجلس النواب، عقب أشهر من تجميد البرلمان، وذلك إثر اجتماع لمجلس الأمن القومي، إذ نبّه وقتها كل من يحاول اللجوء للعنف، من أنّه سيجري مواجهته بالقانون والتصدي له من قبل قوات الجيش والأمن، وأنه لن يجري ترك أي مجال لهم للتحرك، مشدداً أن "الدولة لن تكون لعبة في أيديهم".
وكما هي الحال دائماً مع تركيا، الدولة التي تعتبر المساند الأول لتنظيمات الإخوان المسلمين على اختلاف مسمياتها في الدول العربية، لاقت القرارات التونسية رفضاً تركياً، لكونها أنهت عملياً برلماناً كان يهيمن عليه تنظيم الإخوان، وشهد الكثير من الإشكالات والتوترات ضمنه، تضمنت اعتداء نواب محسوبين على الإخوان، على زملاء لهم ضمن المجلس، يعارضون التنظيم وتوجهاته.
فصدر بيان صحفي عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الخامس من أبريل الجاري، انتقد فيه قرار حل البرلمان التونسي، زاعماً إن القرار "يشكل ضربة لإرادة الشعب التونسي"، بجانب وصفه بأن ذلك تشويه للديمقراطية.
تونس ترد على أردوغان
تصريحات دفعت وزارة الخارجية التونسية، في السادس من أبريل، للتعبير عن "بالغ استغرابها" مؤكدةً أن البيان التركي "تدخل غير مقبول في الشأن الداخلي، ويتعارض تماماً مع الروابط الأخوية التي تجمع البلدين والشعبين ومع مبدأ الاحترام المتبادل في العلاقات بين الدول"، مضيفةً "بأن تونس بقدر التزامها بثوابت سياستها الخارجية وحرصها على بناء علاقات وثيقة مع الدول الشقيقة والصديقة قوامها التعاون والتضامن والتشاور والثقة المتبادلة، فإنها أيضا تتمسك باستقلال قرارها الوطني وترفض بشدة كل محاولة للتدخل في سيادتها وخيارات شعبها أو التشكيك في مسارها الديمقراطي الذي لا رجعة فيه".
اقرأ أيضاً: تونس.. سعيّد يؤكد على ضرورة الاستعداد للحوار وطني
كما استدعت السلطات التونسية، السفير التركي لديها، احتجاجاً على تصريح أردوغان، فيما أجرى وزير الخارجية عثمان الجرندي، اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، وأعلمه والسفير على السواء، رفض تونس التدخل في شؤونها، مشدداً على أن "علاقات البلدين يجب أن تقوم على احترام استقلالية القرار الوطني"، بينما رد الرئيس التونسي قيس سعيد أيضاً، فشدد على أن بلاده ترفض التدخلات الخارجية في شؤونها، قائلاً إن تونس "ليست ولاية عثمانية تنتظر فرماناً".
تركيا والوصاية على الإخوان المسلمين
وللتعقيب على البيان التركي والرد التونسي عليها، التقت صحيفة ليفانت اللندنية، مع "بسام حمدي"، المحلل السياسي ورئيس تحرير الموقع الاخباري حقائق أون لاين التونسية.
حيث قال "حمدي" لليفانت: "اعتقد أن البيان التركي يعتبر تدخلاً صريحاً في الشأن الداخلي التونسي، وهو بمثابة محاولة جديدة من تركيا، لإقحام نفسها في الشؤون الداخلية للكثير من البلدان العربية، وتركيا ما تزال تعتبر نفسها وصية على الكثير من السياسات التي تطبق في الدول العربية، خاصة الدول التي يتواجد فيها فرع تنظيم الاخوان المسلمين".
اقرأ أيضاً: الغنوشي يتحدى الرئيس التونسي.. متعهداً بمواصلة جلسات البرلمان المُحلّ
مردفاً: "في الحقيقة البيان الصادر عن تركيا، الذي يعتبر أن قرار حل البرلمان ضربة لإرادة الشعب التونسي، وهو بمثابة تأييد لموقف حركة النهضة الإخوانية، وهو محاولة لإظهار كون أن مواقف حركة النهضة تحظى بمساندة ودعم دولي"، موضحاً أن الغايات التركية من التدخل في الشأن الداخلي التونسي، هي ليست "فقط لإيضاح أن النهضة مدعومة دولياً، وانما لرغبة تركيا في أن تظهر وصايتها على الكثير من الدول التي كانت عرضة للاحتلال العثماني، وتركيا اليوم تريد أن تظهر نفسها كونها تدافع عن الدول التي كانت تستعمرها".
مستكملاً: "لذلك وزارة الخارجية التونسية شددت في بيانها على أن تونس دولة حرة، وأن الشعب فيها هو صاحب السيادة، بمعنى أن بيان وزارة الخارجية التونسية، كان بمثابة الرد على الغايات التي تريد كشفها تركيا، وهي وصيتها الدائمة على الكثير من الدول، على غرار ما يحصل في ليبيا".
تركيا ومعاداة الأنظمة العربية غير الإخوانية
وكشف "حمدي" أن "تركيا تحاول أن تظهر نفسها الطرف الذي يعادي الأنظمة التي يزعم كونها ديكتاتورية، كما تحاول إفشال أي نظام لا يتأسس وفق خيارات الأنظمة الإخوانية".
لكن المحلل التونسي يعتقد أن تدخل أنقرة في الشأن التونسي، "لن يقدر على أن يكون بأشكال أخرى، كالأشكال العسكرية على غرار ما حصل في ليبيا، أو أشكال دعم أمني أو لوجستي لحركة النهضة، باعتبار أن تونس دولة لديها الكثير من المؤسسات العسكرية والأمنية القائمة، التي تقدر على التصدي لأي مشروع اخواني ظلامي، يحاول المس بوحدة الدولة التونسية".
اقرأ أيضاً: الاستشارة الوطنية في تونس: نجاح التجربة رغم النقائص
وحول استدعاء تونس للسفير التركي الى مقر الخارجية، اعتبر رئيس تحرير موقع حقائق أون لاين الإخباري التونسي، إن تلك "الحركة الدبلوماسية بمثابة تهديد بإمكانية قطع العلاقات الدبلوماسية في حال حاولت تركيا، مجدداُ حشر نفسها في المشهد الداخلي التونسي، والاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية التونسي والتركي هو بمثابة تنبيه أول، وربما تلويح بأن تونس قادرة على التعامل مع أي شخص وأي دولة تحاول التدخل في أمورها الداخلية".
ويظن "حمدي" أن ذلك "التنبيه ربما سيمنع تركيا، من إجراء أو التصريح من جديد، خاصة من طرف أردوغان، حول الشأن التونسي"، موضحاً: "يعني من الممكن ان يكون هذا التنبيه الدبلوماسي بمثابة إيقاف للتدخل التركي في تونس، كذلك اعتقد أن تونس ستعزز سلطاتها الأمنية والعسكرية من الرقابة على الاشخاص الذين يتنقلون بين تونس وتركيا، خاصة الأشخاص الذين لهم ثقل في المشهد السياسي والمشهد البرلماني".
تونس واتفاقية التبادل التجاري مع تركيا
إلا أن "حمدي" لم يرجح قطع العلاقات الدبلوماسية مع تركيا، مخمناً أن تونس "ستحاول وستجدد في كل مره الدفاع عن سيادتها وعدم تدخل أي طرف وأي دولة اجنبية في شؤونها الداخلية"، متابعاً: "لذلك أرى أن الحديث عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين تونس وتركيا، أمر السابق لأوانه، خاصةً وأن الأمور لا تعد متوترة جداً، وانما فيها تنبيهات وتحذيرات دبلوماسية".
اقرأ أيضاً: الرئيس التونسي يصدر مرسوماً بتعويض عائلات شهداء ومصابي "الثورة"
مستدركاً: "اعتقد أن هذه المسألة ستؤثر مستقبلاً على العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين تونس وتركيا، خاصة من جهة صفاء النوايا، إذ يعي اليوم الرئيس التونسي، أن اردوغان يعادي الخيارات التي تنتهجها تونس ما بعد 25 يوليو".
مختتماً بالقول: "اعتقد أن تأثر العلاقات الدبلوماسية سيؤثر حتماً على العلاقات التجارية بين البلدين، وربما ستمضي تونس إلى مراجعة اتفاقية التبادل التجاري بين البلدين، بهدف التقليل من استيراد الكثير من المواد الى تونس، وذلك كردة فعل أولى من تونس، على التدخل التركي في شانها الداخلي".
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!